قصة بناء المعبد تاريخيا

قصة بناء المعبد
يعتبر لوسيانوس السميساطي (بالإنجليزية: Lucian]] of Samosata)‏ أقدم المؤرخين الذين تحدثوا عن هيرابوليس (منبج)، ولد لوسيانوس حوالي عام 125م عاش في القرن الثاني الميلادي. وقد تحدث في كتابه (الآلهة السورية (بالإنجليزية: De Dea Syaria)‏) الذي كتبه باللغة اليونانية عن قصة بناء المعبد والطقوس المكرسة للإلهة آتارجتيس Atargatis ومعبدها وبحرتها المقدسة، ويذكر لوسيانوس قصة بناء المعبد فيروي أنه سمع العديد من الأساطير حول بناء المعبد، إلا أنه لا يأخذ بها، ويسرد قصة بنائه على أن الصرح القائم اليوم (يُقصد بذلك أيام لوسيانوس في القرن الثاني الميلادي) ليس هو نفسه الذي بُني في الأصل. إن المعبد القائم اليوم هو من بناء ستراتونيس (زوجة سلوقس الأول وهو أحد الملوك الآشوريين)، وهي المرأة التي عشقها ابن زوجها، حيث أن الابن وقع طريح الفراش وأخذ جسمه يذبل يوماً بعد يوم، حتى كشف الأمر أحد الأطباء. ويروي لوسيانوس عن عبقرية الطبيب في كشفه للمرض بعد أن علم بعدم وجود أي علة، حيث طلب الطبيب من الملك أن يستدعي جميع من في القصر ووضع يده على قلب الشاب الذي بدا ساكناً حتى وصول زوجة أبيه حيث أخذ قلبه بالخفقان وتصبب عرقًا، وهنا كشف الطبيب للوالد عن مرض ابنه فما كان من الملك إلاّ أن نقل له زوجته ومملكته.

عبادة اتارغاتيس Atargatis

كان يطلق عليها في العصر الروماني (آلهة سوريا) واسمها مُركّب في الأصل السرياني من (عتار) و(عتا) أي عشتار وعناة (وهما عبادتان ساميتان اندمجتا معاً)، وهي آلهة الخصب والحياة المنعمة والمترفة.

و كانت تشكل (أتارجتيس) مع (حدد) و(سيميوس) الأقاليم الثلاثة في المدينة المقدسة بامبيكة (منبج)، إلاّ أنها كانت أكثرها شعبية،[7] وكانت (أتارجتيس) تتمتع بشعبية كبيرة في سوريا وخاصة في دمشق وعسقلان ودورا وتدمر وغير ذلك كثير، وحظيت بنفس الشعبية في آسيا الصغرى خلال العصر اليوناني وكذلك في مقدونيا، وقدسها اليونان والرومان، وبنوا لها معابد في (دلوس)، وكان نيرون من المعجبين بها في وقت من حياته.[7]

و طُبعت صورة أتارغاتيس على النقود في هيرابولس (منبج)، ويتألف رمزها من الهلال مع قرص الشمس، وتُشاهد في الآثار الرومانية جالسة على عرش بين أسدين،[8] وهناك نموذج غريب لأتارجتيس على النقود في هيرابولس حيث تظهر محجبة، ووجدت صور أخرى كثيرة لأتارجتيس المحجبة، وتُظهر رسوم نساء محجبات بحجاب ثقيل يشبه حجاب أي مسلمة محافظة اليوم على نقش من معبد بعل في تدمر، وفي لوح منحوت من دورا اوربس، وتُرينا بعض اللآثار الأخرى الرأس محجّباً.[9]

وقد أقيم معبد الآلهة أتارجتيس على تلة، وهو محاط بسور مزدوج، ويتجه نحو الشمس، ويتم الولوج إليه عن طريق مصطبة حجرية، يليها مدخل الهيكل المزدان بأبواب ذهبية. كذلك الأمر بالنسبة لداخل المعبد، الذي يحتوي على مصلى مخصص للكهنة فقط وقد وضع فيه تمثال من الذهب ل (أتارجتيس) وآخر ل (حدد)، وكان هناك قرابة ثلاثمائة كاهن يخدمون المعبد وكان بينهم عدد قليل من القاصرين (اقل من 18 سنة).

وكان هناك شعائر معقدة أثناء الدخول إلى المدينة في أول زيارة لمعبد هيرابولس، وبالقرب من المعبد توجد بحيرة مقدسة، وكانت هذه البحيرة مركز الاحتفالات والأعياد الدينية، وتحتوي على أنواع مختلفة من الأسماك المقدسة، وفي وسطها يرتفع مذبح حجري تُحرق فوقه العطور باستمرار. وكان كل يوم يأتي الكثير من الناس إلى هذا المذبح الذي يقع منتصف البحيرة سباحةً، ويحملون معهم القرابين إيفاءً لنذرٍ ما. وفي فناء المعبد كان يعيش العديد من الحيوانات (عدا الخنازير) والطيور التي تستخدم كأضحيات في الأعياد. وعلى شاطئ هذه البحيرة كانت تقام احتفالات كبرى تدعى النزول إلى البحيرة، حيث كانت تنزل كافة تماثيل الآلهة وفي مقدمتها تمثال أتارجتيس، ويذكر (لوسيانوس) العديد من الأعياد التي كانت تجري ضمن المعبد، وأهمها عيد بداية الربيع؛ كما يتحدث عن الطقوس التي تجري ضمن هذا العيد.

من أشهر الأعياد أو الاحتفالات المقدسة

صورة أتارجتيس مطبوعة على العملة

  • موكب (سيمون) إلى البحر الذي يقام سنويا مرتين، وتجلب فيه مياه من البحر وتصب في شق تحت المعبد، ويُعتقد أن المقصود من هذا الطقس هو إحياء ذكرى الطوفان في النفوس حتى لا تمحوه الأيام، كما يُفسر بأنه عملية استسقاء لتنزل الأمطار بواسطة السحر والشعوذة، أو أن الغاية أن تتم المصالحة بين الآلهة الأرضية المتخاصمة فيما بينها، وقد يرمز موكب الاحتفال المتجه إلى بحيرة الأسماك المقدسة إلى طقوس الإغتسال المقدس.
  • يتم الاحتفال بقدوم فصل الربيع بإشعال النيران، ورفع المشاعل بحضور عدد كبير من الحجاج، كما تُحرق الأشجار المزدانة بضروب شتى من الأضاحي والهدايا، وكان يعتبر تعذيب وإيذاء الذات (كما يفعل بعض الشيعة اليوم) وغيرها من طرق الشعور بالنشوة عن طريق الألم جزءًا من الطقوس الدينية التي تحدث في هذا المعبد، وقد يصل الانفعال التأثري ببعض الكهنة المعرفين باسم (جالا) إلى حد الهوس، فيخصون أنفسهم، ويرتدون ثياب النساء وحليهن،[7] وكان كهنة المعبد عموماً من الخصيان (مخصيين) الذين اعتادوا على القيام برحلات إلى اليونان وإيطاليا لنشر عبادة (أتارجتيس) بواسطة التنبؤات والرقص الروحاني، ولجمع تبرعات الأتقياء لأجل معبدها في هيرابولس (منبج).[10]
    المصدر:ويكيبيديا

أضف تعليق